الثلاثاء، 20 يناير 2015

اسرار حركة الضباط الاحرار والاخوان المسلمين ( العدوان الثلاثى )


العدوان الثلاثي على مصر 1956

ما إن علم الإخوان من الإذاعة أن طائرات انجلتره وفرنسا بدأت ضرب مدن مصربالقنابل حتى ثارت الدماء في عروقهم وأسرعوا فكتبوا برقية هذا نصها.
31/ 10/ 1956
السيد / رئيس الجمهورية
السيد / قائد عام القوات المسلحة
السيد / وزير الداخلية
في هذه الفترة الخطيرة التي يتعدى فيها على بلادنا نعلن أن الوطن وطننا جميعا ولنا حق الدفاع عنه ونحن الذين شاركناكم الجهاد في سبيل الله في أعوام 46 ، 47 ضد قوات الاحتلال البريطاني في القاهرة و الإسكندرية ، 48 في حربفلسطين ، 1951 على أرض قناة السويس نمد لكم يدا صادقة لا تبغي إلا مصلحة الوطن ونطالبكم باسم الله والوطن أن نشارككم فورا في القتال في الخطوط الأمامية ونحملكم أمام الله والتاريخ مسئولية حرماننا من أداء هذا الفريضة المقدسة ونحن فداء الوطن في كل لحظة.
توقيعات
ووقعت هذه البرقية ومعي 73 شخصا من الإخوان منهم ضباط القوات المسلحة السابقون واليوزباشي جمال إسماعيل ضابط الشرطة والدكتور خميس حميدة . وكيل جماعة الإخوان المسلمين و محمود عبده قائد مجاهدي الإخوان بقطاع صور باهر في حرب فلسطين 1948 .
انتهى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بهزيمة عسكرية ل مصر واحتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء وانسحاب الجيش المصري من سيناء إلى غرب قناةالسويس واحتلال بريطانيا وفرنسا لمدينة بور سعيد.
وقد فشل العدوان واضطرت إسرائيل وانجلترة وفرنسا إلى سحب قواتهم من أرض مصر في ديسمبر من نفس العام الذي بدأ فيه العدوان يوم 29/ 10/ 1956 .
وذلك بسبب إصرار الدولتين العظميين على شجب العدوان وكان لإنذار بولجانين رئيس الاتحاد السوفييتي بضرب لندن وباريس بالصواريخ الموجهة إذا لم توقف هاتان الدولتان عدوانهما على مصر وتسحب قواتهما فورا أثر حاسم في هذه الحرب اضطرب معه حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها الجنرال ايزنهاور إلى الضغط على حكومات إسرائيل وانجلترة وفرنسا لوقف العدوان وسحب قواتها من مصر خشية أن ينفذ السوفييت تهديداتهم وتضطر الولايات المتحدة إلى الدخول في حرب عالمية ضد الاتحاد السوفييتي وقد تؤدي هذا الحرب إلى استخدام الأسلحة النووية مما قد يؤدي إلى فناء العالم.
وكانت حكمة الرئيس الأمريكي الجنرال ايزنهاور هي التي منعت وقوع هذه الكارثة العالمية.
وتقدم ايزنهاور بمشروعه لسد الفراغ في منطقة الشرق الأوسط بعد جلاء انجلترة وفرنسا وإسرائيل عن مصر سنة 1956 .
وكانت الولايات المتحدة تطمع في أن ترث الاستعمار البريطاني والفرنسي بعد جلائه عن العالم العربي وكان الاتحاد السوفييتي يطمع في إحلال الهيمنة السوفيتية في العالم العربي بعد جلاء الإنجليز والفرنسيين عن أرض العرب.
وكان على عبد الناصر أن يستغل الصراع بين القوتين العظميين ليحول دون سيطرة إحدى القوتين على العالم العربي ويمكن الوطن العربي من التمتع بالحرية والاستقلال.
ولكن سياسية عبد الناصر بعد العدوان الثلاثي استمت بالبعد عن الحكمة وظن أن النصر السياسي الذي حققته مصر عام 1956 إنما يرجع إليه شخصيا وشجعه على ذلك المنافقون من الصحفيين ومرتزقة السياسة فأصابه الغرور.
وكان هذا الغرور هو سبب النكبات التي حلت ب مصر بعد ذلك حتى انتهت مسيرة الثورة إلى كارثة 5 يونيو 1967 إذ انحاز عبد الناصر عقب العدوان الثلاثي1956 إلى جانب الاتحاد السوفييتي انحيازا أعمى وعادى الولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر قوة عسكرية على وجه الأرض وكانت الحكمة السياسية تقتضي عدم معاداة الولايات المتحدة وعدم الانحياز إلى جانب الاتحاد السوفييتي وإنما تقتضي الحكمة عدم الانحياز إلى جانب إحدى القويتين العظميين والانحياز إلى شعب مصر الذي تتطلب مصلحته عدم معاداة أي من القوتين العظميين.

مذبحة طره

بينم نحن نعيش خلف أسوار سجن الواحات الخارجة جاءتنا أنباء مروعة عن وقوع مذبحة للمسجونين السياسيين من الإخوان المسلمين في ليمان طره استشهد فيها 23 من شباب الإخوان المسلمين ويتلخص الموضوع في أنه كان يوجد بليمان طره في 1/ 6/ 1957 مائة وثمانون شابا جمعتهم أحكام نطق بها قضاة محكمة الشعب عام 1954 وكانوا قد أمضوا في تنفيذ الأحكام الظالمة عدة سنوات بليمان طره قضوا لياليها السوداء في أعماق الزنزانات الرطبة المظلمة وعاشوا أيامها الأشد سوادا في قطع وتكسر وحمل الأحجار الضخمة في جبال طره.
واستمرت هذه المهانة سنوات إلى أن أعلن الليمان أن كل مسجون أمضى بالجبل 24 شهرا عليه أن يقدم التماسا يطلب فيه إعفاءه من العمل بالجبل ليعمل بالورش داخل أسوار الليمان.
فأجمع المسجونون السياسيون من الإخوان المسلمين على التقدم بهذه الطلبات لإدارة الليمان ولكن إدارة الليمان رفضت طلبات الإخوان المسلمين وطبقت القاعدة على المجرمين من القتلة واللصوص وهاتكي الأعراض ومهربي المخدرات فاعتصم الإخوان بالعنبر ورفضوا الخروج للعمل في قطع الأحجار فجاءهم مدير الليمان وحاول إقناعهم بالخروج للعمل في الجبل فأبوا فما كان من مدير الليمان إلا أن أحضر قوة من الجنود المسلحين بالبنادق واعتلى عدد منهم الدور الرابع وبدأ ضرب النار في المليان على المسجونين السياسيين منالإخوان المسلمين الموجودين في الدور الثلاث من العنبر رقم (1) بليمان طره.
فأسرع المسجونون إلى داخل زنزانتهم يحتمون بها وحاولوا إغلاقها عليهم وبعد ساعة تقريبا تم وقف إطلاق النار وكان على الأرض دماء غزيرة وجثث مبعثرة وكانت حصيلة المذبحة 23 قتيلا وضعفهم من الجرحى وظل المشهد الحزين صامتا حتى المساء ثم أخرجت إدارة الليمان جثث القتلى والجرحى ليلا ومن المؤلم أن الجرحى وهم مسوقون إلى مستشفى السجن كانوا يضربون بالشوم حتى إن بعضهم لفظ أنفاسه الأخيرة من ضرب الشوم وهو جريح!!
وأذاعت محطات الإذاعة العالمية نبأ المذبحة الرهيبة فور وقوعها ومنعت حكومةعبد الناصر نشر أي أنباء عن هذه المذبحة في صحف مصر ووسائل الإعلام المصرية ولم يتم التحقيق مع المجرمين الذين نفذوا هذه المذبحة إلى يومنا هذا.
التحرك من الواحات الخارجة إلى القاهرة
في أول يوليو 1958 صدرت الأوامر بنقل 80 فردا من الإخوان من سجن الواحات إلى سجن القاهرة العمومي (سجن قرة ميدان - وقد هدم بعد ذلك وكان موقعه بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي ).
وفي يوم الاثنين 7/ 7/ 1958 تحركنا من الواحات إلى القاهرة وكنت ضمن هذا الفوج المرحل من سجن الواحات إلى سجن قرة ميدان وعند وصولنا لمدينةالقاهرة نزلنا بليمان طره لمدة يومين ثم نقلنا بعدها إلى سجن قرة ميدان.

الإفراج عني

في يوم 30/ 9/ 1958 تم الإفراج عني من سجن قرة ميدان وتم الإفراج بالأسلوب الآتي :
استدعاني القائمقام عبد الحميد حلمي مدير سجن قرة ميدان إلى مكتبه في الساعة 11 صباحا يوم 30/ 9/ 1958 وأخبرني أني مطلوب الساعة 4 بعد الظهر للذهاب في مهمة خارج السجن فطلبت منه أن يسمح لي بالاتصال تليفونيا بأي شخص من أهلي لإحضار ملابس مناسبة بدلا من ملابس السجن الزرقاء فقال لي لا داعي لذلك لأنها مأمورية سرية للغاية وستعود ثانية إلى السجن فلا داعي لأن تشغل بال أهلك بهذا الموضوع.
وسأحضر لك ملابس أحد الأفراد الذين هم محبوسون احتياطيا على ذمة قضايا يكون حجم جسمه مقاربا لحجم جسمك فأحضروا لي بدلة وقميصا وكرافتة وفي الساعة 4 بعد الظهر خرجت من السجن بدون أي حراسة وركبت سيارة ملاكيالقاهرة كانت في الانتظار وركب بجواري الملازم أول زايد رستم من قوة سجن قرة ميدان بملابسه المدنية ولاحظت عدم وجود أي سلاح ظاهر معه وكان سائق السيارة يرتدي ملابس مدنية.
وتوجهت السيارة إلى مبنى وزارة الداخلية وصعدنا لمكتب اللواء عبد العظيم فهمي مدير إدارة المباحث العامة الذي أمر ضابط السجن الملازم أول زايد رستم بالانصراف فأصر ضابط السجن على أخذ إيصال باستلام المسجون فاستدعىعبد العظيم فهمي البكباشي زهدي وأمره بإعطاء إيصال لضابط السجن.
وبعد فترة من الوقت قصيرة شربت فيها فنجانا من القهوة توجهت مع اللواء عبد العظيم فهمي في سيارته بدون حراسة إلى الدقي حيث وقفت السيارة أمام فيلا عليها حراسة مشددة. ثم دخلنا المنزل فوجدنا زكريا محيى الدين وزير الداخلية فرحب بي وقال «مالك خاسس ليه كده».
فقلت له مما لاقيناه من أهوال في السجن الحربي وليمان طره ونقص في الغذاء الحيوي في سجن الواحات الخارجة وقد تأثرت حالتي الصحية وأصبت بعدة أمراض منها السكر وارتفاع ضغط الدم وضعف في قوة الإبصار وخلع لجميع أسناني وروماتزم في المفاصل.
فقال زكريا محيي الدين : احنا كنا نبذل أقصى ما يمكننا في موضوع التغذية بسجن الواحات في حدود الإمكانات المتاحة وأبحنا لكم الطرود من عائلاتكم حينما علمنا بأخطار نقص الغذاء فقلت له لقد حدث ذلك فعلا.
وأخبرني زكريا محيي الدين بأن الرئيس جمال عبد الناصر قد أصدر قرار بالإفراج عني اعتبارا من هذه الليلة وقال زكريا محيي الدين أن عبد الناصر كلفه بأن يقول لي إنه لا يمكن له أي لعبد الناصر أن ينسى أبدا تضحياتي (كاتب هذه السطور) في سبيل مصر واشتراكي في تنفيذ الثورة ليلة 22/ 23/ 1952 . ويرجو عبد الناصر أن تنسى الماضي وما تعرضت له من إساءة وتفتح صفحة جديدة. فقلت لزكريا محي الدين «إني مؤمن بالله وأعلم أن ما أصابني لم يكن ليخطئني وكل ما حدث ثم بقضاء من الله ولعل فيه الخير لي والله أعلم ونحن لا نعلم.
وشكرت زكريا محيي الدين للحفاوة التي لقينى بها في بيته وانصرفت مع عبد العظيم فهمي إلى وزارة الداخلية حيث أطلق سراحي من هناك فركبت «تاكسي» من وزارة الداخلية لمنزل والد زوجتي بسراي القبة وكانت مفاجأة تامة لزوجتي وأولادي وفي اليوم التالي ذهبت في الصباح لسجن قرة ميدان وأعدت الملابس التي استعرتها لصاحبها بالسجن.
  • ماذا بعد الإفراج عنى للمرة الثانية في عهد عبد الناصر  ?
خرجت من السجن يوم 30/ 9/ 1958 فوجدت مصر قد تغيرت وتحولت كلها إلى سجن رهيب وتحول شعب مصر إلى شعب صامت صمت نزلاء القبور. خرست الألسنة وكسرت الأقلام وقهرت حرية الرأي والكر وكممت الأفواه وأصبحت الصحف مملوءة بالشعارات التي بغير مضمون أو تنفيذ والمدح الباطل للحكام. وارتفع المنافقون والانتهازيون والوصوليون ولم يعد لأهل العلم والمثقفين وأصحاب الخبرة ورجال السياسة ورجال الأعمال كلمة أو رأي في إدارة شئون البلاد ونشطت أجهزة الأمن المنوط بها أساسا تعقب نشاط أعداء البلاد من جهة الخارج والمجرمين والمفسدين في الأرض في الداخل ، كل أجهزة الأمن نشطت لا لتؤدي واجبها الحقيقي في حماية أمن البلاد وأمن المواطنين وإنما نشطت في تعقب الأحرار والشرفاء من المواطنين وكتابة التقارير السرية عنهم ومحاولة الإيقاع بهم بتدبير المؤامرات الوهمية بحجة حماية أمن حاكم مصر ونظامه الديكتاتوري.
وأخذت هذه الأجهزة تتسقط أي كلمة يتفوه بها مواطن لعلها تكون الدليل للوصول إلى أول خيط تتبعه هذه الأجهزة للوصول إلى التنظيمات السرية التي تضمر شرا بحاكم مصر .
ثم تؤخذ الضحية إلى السجن لتلاقي من أصناف التعذيب الوحشي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وتتوالى الاعترافات الكاذبة بمؤامرات تحاك الظلام لحاكم مصر وتتوالى المحاكمات الاستثنائية والأحكام الظالمة وقد استحوذ الذعر على الخلق من شيوع الجاسوسية وأصبح كل فرد في مصر يحسب زميله في العمل أو جاره في السكن جاسوسا ، ولو أنك اعتبرت شعب مصر كله جواسيس لم تكن مغاليا.
  • ويتجسسون عمن ولمن؟
يتجسسون على بعضهم البعض لحساب جمال عبد الناصر حاكم مصر المطلق.
وكان عبد الناصر يباهى الحكام الآخرين بأجهزة مخابراته وأنه يعلم دبيب النمل وما يحدث بينا المرء وزوجه في عقر داره.
وحتى نواب رئيس الجمهورية والوزراء لم يسلموا من ذلك. وكانت أجهزة التجسس ترفع التقارير اليومية إلى جمال عبد الناصر عن أنور السادات و زكريا محيى الدين و عبد اللطيف البغدادي و كمال الدين حسين ...الخ.
لدرجة أن تتضمن هذه التقارير أن واحدا من هؤلاء كان في السينما أمس وقد نشر محمود الجيار في مجلة روز اليوسف بعد وفاة عبد الناصر وهو في معرض كتابة مذكراته أن التقارير كانت ترفع يوميا ل عبد الناصر عن نشاط وتحركات وأقوال وأفعال هؤلاء السادة من أعضاء مجلس الثورة والوزراء وكأن عبد الناصرلم يقرآ قول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿وَلاَ تَجَسَّسُوا﴾.
فلقد نهى الله عباده المؤمنين عن التجسس لما فيه من فساد وإفساد لحياة المجتمع. وهكذا شغل عبد الناصر معظم وقته في التجسس على شعب مصروضيع وقته في قراءة التقارير المرفوعة إليه من أجهزة الأمن المختلفة من مخابرات عامة ومخابرات حربية ومباحث أمن الدولة ورقابة إدارية وغير ذلك وترك عمل رجل الدولة الحقيقي.
وقد اشتد الظلام في مصر والتعتيم الإعلامي وكثر الظالمون وتعددت المظالم وكانت آية المظالم الحراسات على أموال الناس بقرارات جمهورية وتقوم أجهزة الأمن بتنفيذ هذه القرارات بأسلوب همجي لا يتورع عن نهب وسلب أموال الناس وإخراج النساء والأطفال بملابس النوم بعد منتصف الليل من البيوت إلى الشوارع لأن الزوج أو الأب قد فرضت عليه الحراسة ولم يعد يملك في ظل شريعة الغاب البقاء حتى الصباح في بيته.
ثم يفحش المنفذون ويقومون بنهب ما في بيوت الناس من نقود ومجوهرات وتحف.

الإعتقال للمرة الثالثة في عهد عبد الناصر

في يوم 6/ 9/ 1965 استيقظت من النوم على صوت طرق شديد على الباب فأوقدت نور حجرة النوم ونظرت في الساعة فوجدتها الثالثة صباحا.
فذهبت إلى باب الشقة وفتحته فاقتحم الشقة حوالي سبعة أفراد يريدون الملابس المدنية شاهرين مسدساتهم ثم سألني كبيرهم هل أنت حسين حمودة ؟قلت نعم قال تفضل معنا قلت ومن أنتم؟ قالوا مباحث عامة. فقلت لكبيرهم وما سبب ذلك؟
قال : تعليمات وزير الداخلية باعتقال جميع الإخوان المسلمين في مصر .
فوجدت أن المناقشة مع هؤلاء الناس لا تجدي فطلبت من كبيرهم أن يسمح لي بارتداء ملابسي فرفض فخرجت معهم بملابس النوم (جلابية).
فذهبت معهم إلى مبنى قسم شرطة الزيتون حيث أودعت غرفة الحجز ولم يكن بها أحد غيري. وتلا ذلك فتح باب غرفة الحجز كل فترة ليقذف فيها بمعتقل جديد حتى وصل عددنا إلى حوالي أربعين شخصا في حجرة مساحتها حوالي 4 في 5 أمتار تقريبا.
وظللنا وقوفا من صباح 6/ 9/ 1965 حتى صباح 7/ 9/ 1965 وحوالي الساعة 10 صباح يوم 7/ 9/ 1965 فتح السجان باب غرفة الحجز ونادي حسين حمودةفقلت أنا فقال تعالى كلم في التليفون في غرفة ضابط مباحث القسم.
فكلمت أحد الأشخاص الذي عرفني بنفسه قائلا «أنا أحمد صالح داود مفتش المباحث العامة» فقلت أنا حسين حموده فقال : أنت كنت ضابط في الجيشفقلت أيوه. فقال: أحنا متأسفين لقد قبض عليك خطأ وسيفرج عنك الآن أعطني ضابط المباحث.
فأعطيت التليفون لضابط مباحث قسم الزيتون الذي كلمه أحمد صالح داودوأمره بإخلاء سبيلي فورا.
فخرجت من قسم شرطة الزيتون بالجلابية التي ارتديها إلى منزلي فقال لي زوجتي..
«اتصل فورا باللواء حسن طلعت مدير المباحث العامة وأعطتني رقما»
فاستفسرت منها عن الموضوع فقالت منذ ساعة تقريبا اتصل اللواء حسن طلعتبمنزلي وقال لزوجتي : «هو حسين بك حموده موجود» فقالت له السيدة زوجتي : لا دول جم أمس الأول وقبضوا عليه» فقال لها حسن طلعت احنا أفرجنا عنه ومن فضلك أول ما يحضر خليه يتصل بي بالتليفون وأعطاها رقما».
فاتصلت به فقال اللواء حسن طلعت إنه مكلف رسميا من الرئيس جمال عبد الناصر بإخطاري بأن الإفراج عني كان بأمر من جمال عبد الناصر شخصيا.

الفصل الخامس: قارعة 5 يونيو سنة 1967

مقــدمــة
فجأة دون مقدمات قرأنا في صحف القاهرة أن الرئيس جمال عبد الناصر قد أصدر تعليمات يوم 14/ / 1967 بوضع القوات المسلحة المصرية في أعلى درجات الاستعداد وقيل في تعليل ذلك إن إسرائيل تجري حشدا لقواتها ضدسوريا استعدادا لغزوها.
وبدأ حشد القوات المسلحة المصرية في سيناء اعتبارا من يوم 15/ 5/ 1967لتنفيذ اتفاق الدفاع المشترك مع سوريا ومعنى ذلك قيام مصر بشن هجوم على إسرائيل في حالة هجوم إسرائيل على سوريا .
وفي يوم 15/ 5/ 1967 وجه الفريق أول محمد فوزي رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة المصرية كتابا إلى قائد قوات الطوارئ الدولية يطلب فيه سحب هذه القوات من الأرض المصرية ونشرت صحف القاهرة هذا الكتاب وفي يوم 23/ 5/ 1967 أعلن جمال عبد الناصر قفل مضيق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية.
وفي صباح يوم 5/ 6/ 1967 قامت إسرائيل بضربة جوية على جميع مطاراتمصر العسكرية في الساعة الثامنة صباحا و 45 دقيقة دمرت فيها معظم طائراتمصر الحربية وهي جاثمة على الأرض.
وبعد ظهر 6/ 6/ 1967 أصدر المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة أمرا مباشرا للقوات المسلحة في سيناء بالانسحاب إلى غرب قناةالسويس . وصدر هذا الأمر دون علم رئيس هيئة أركان الحرب ودون أخذ رأي هيئة عمليات الجيش .
فتم الانسحاب دون أمر عمليات حربية يحدد طرق انسحاب كل وحدة ودون تكليف أي قوة بعمل ستارة لحماية القوات أثناء انسحابها ودون تحديد للمكان الذي تحتله أي قوة بعد جلائها عن سيناء إلى الغرب من قنال السويس.
وكانت النتيجة المحدودة فقتل أكثر من 20000 شهيد من أبناء مصر وتركت القوات المسلحة أسلحها وانسحب أكثر من 1000000 رجل إلى قراهم ومدنهم داخل مصر .
ولم يبق في مصر جندي واحد من جنود القوات المسلحة يمكن أن يحمي منطقة غرب قنال السويس وفي مساء 9/ 6/ 1967 استمعنا إلى بيان من جمال عبد الناصر نقلته شاشة التليفزيون يفيد بأن أصدقاءنا السوفييت أخطروا الوفد الألماني المصري الذي كان يزور موسكو في مطلع مايو 1967 بأن هناك قصدا مبيتا ضد سوريا وأنه عملا بواجب الأخوة تحركت قواتنا المسلحة إلى حدودنا وأنه تسلم من جونسون رئيس الولايات المتحدة يوم 26/ 5/ 67 رسالة يطلب فيها ضبط النفس وألا نكون البادئين بالعدوان وفي نفس الليلة والنصف بعد منتصف الليل وأبلغه بطلب ملح من الحكومة السوفيتية ألا نكون البادئين بإطلاق النار وفي صباح 5/ 6/ 1967 جاءت ضربة العدو الجوية وأن قواتنا المسلحة في سيناء اضطرت إلى إخلاء خط الدفاع الأول.
وأنه قرر أن يتنحى تماما ونهائيا عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي وأنه كلفزكريا محي الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية.
وأن الثورة ليست حكرا على جيل واحد من الثوار وأنه يعتز بإسهام هذا الجيل من الثوار في تحقيق جلاء القوات البريطانية عن مصر وتحديد شخصيتها العربية واسترداد قناة السويس وبناء السيد العالي وتحقيق سيطرة الشعب المصري على موارد ثورته التي كان ينهبها الأجانب.
وبات واضحا من خطاب جمال عبد الناصر أن مصر خسرت الحرب وأن حجم الهزيمة يفوق كل ما يتصور العقل. فقد أصبحت قوات مصر المسلحة فلولا واقتطعت إسرائيل شبه جزيرة سيناء في ستة أيام وهناك أسئلة لابد وأن نجد لها إجابة.
فليس من المعقول أن يجتمع عدد من المصادفات السيئة بالنسبة ل مصر كما تجمع في هذه الحرب مما يغلب على الظن أن في الأمر خيانة وطنية وأن هذه الخيانة كانت في أعلى المستويات وهنا تجدر الإشارة إلى الأمور التالية :
أولا : الضجة الإعلامية
صاحب عملية حشد القوات المسلحة المصرية في سيناء ضجة إعلامية كبيرة وكان الواجب إجراء هذه التحركات في سرية تامة دون ضجة أو إعلام كما تقضي بذلك أصول فن الحرب فالكتمان من وسائل المفاجأة والمفاجأة مبدأ من أهم مبادئ الحرب ولا يخفى ذلك على جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية و عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة و شمس بدران وزير الحربية. وهؤلاء الثلاثة من العسكريين الذين يعلمون هذه الحقائق.
ثانيا : معلومات كاذبة
تبين من المعلومات التي أذيعت بعد وفاة عبد الناصر أنه لم يكن هناك أية حشود عسكرية إسرائيلية تجاه سوريا وأن الأمر لم يكن سوى تبليغ سوفييتي ل أنور السادات رئيس مجلس الأمة حين كان في زيارة لموسكو في أوائل مايو 1967 .
فلماذا نقل إلينا الروس هذه المعلومات الكاذبة عن الحشود الإسرائيلية المزعومة على حدود سوريا؛ فهل خدعت المخابرات الإسرائيلية المخابرات السوفيتية لاستدراج مصر إلى مؤامرة دولية وساعة النطاق يشترك فيها اليهود والإدارة الأمريكية وبعض المصريين الخونة في قمة الجهاز المصري الحاكم؟
ثالثاً: ضبط النفس
طلب السفير السوفيتي مقابلة جمال عبد الناصر في ميعاد غير مألوف ليبلغه رسالة موسكو بضبط النفس وألا نكون البادئين بإطلاق النار وذلك بعد منتصف ليلة 26/ 5/ 1967 وفي نفس الوقت تسلمت القاهرة رسالة من جونسون رئيس الولايات المتحدة يناشد مصر فيها ضبط النفس وألا نكون البادئين في العدوان في الوقت الذي يعلم فيه الأمريكان تماما نيات إسرائيل العدوانية نحو مصر .
لماذا اتفق الروس والأمريكان على التقدم في وقت واحد بهذا الطلب ل عبد الناصر ؟
رابعاً : الضربة الجوية
كرر العدو الإسرائيلي يوم 5/ 6/ 1967 ما فعله الإنجليز في عدوان 1956 فلماذا لم نعتبر من ضربة 1956 وقادة القوات المسلحة في مصر سنة 1956 هم بعينهم قوات مصر المسلحة سنة 1967 ؟
عبد الناصر و عبد الحكيم عامر ، و صدقي محمود قائد القوات الجوية في عام1956 هو نفسه قائد القوات الجوية سنة 1967 .
ولما وقعت الضربة الجوية صباح 5/ 6/ 1967 لماذا لم يرسل الأصدقاء الروس مددا فوريا من الطائرات بدلا من التي دمرت ولا سيما أنهم الذين دفعونا لهذه الحرب بالإبلاغ عن معلومات غير صحيحة عن حشود إسرائيلية تجاه سوريا وهم الذين طلبوا منا ليلة 26/ 5/ 67 ضبط النفس وعدم البدء في العدوان على إسرائيل .
وثبت أن عبد الناصر طالبهم بذلك فماطلوا فكيف يعرض الصديق صديقه للكوارث بهذا الشكل؟
ولماذا وقعت الضربة الجوية و عبد الحكيم عامر في الجو صباح يوم 5/ 6/ 1967مما قيد وسائل الدفاع الجوي المصري وساعد على خلق ظروف مواتية للطيران الإسرائيلي لضرب المطارات العسكرية المصرية كلها في وقت واحد دون أن ترد عليها وسائل الدفاع الجوي المصرية فهل تم ذلك مصادفة؟ أم علم اليهود بميعاد زيارة المشير عبد الحكيم عامر للجبهة من الخونة المصريين المحيطين ب عبد الحكيم عامر .
خامساً: تغيير الخطة من هجوم لدفاع
عندما غير عبد الناصر خطته من هجوم إلى دفاع بعد التبليغين السوفيتي والأمريكي ليلة 26/ 5/ 1967 لماذا لم تتخذ القوات العسكرية المصرية ترتيباتها الطبيعية المترتبة على تغيير من هجوم إلى دفاع مثل سحب بعض القوات المصرية إلى الغرب من قنال السويس ولا سيما أن حجم القوات المصرية الذي عبر القناة واحتشد في سيناء كان كبيرا (120000 جندي).
لقد أعطتنا الطبيعية مضايق مثالية للدفاع عن سيناء عند الممرات فلماذا لم تكلف بعض القوات باحتلالها والدفاع عنها ولماذا لم يكلف سلاح المهندسين بعمل التحصينات اللازمة في الممرات من دشم للأسلحة وملاجئ للأفراد وخنادق مواصلات وحقول ألغام ... إلخ.
وليس من المعقول وقد أعطتنا الطبيعة هذه الأرض المثالية للدفاع عن قناةالسويس أن يكون أمر الانسحاب إلى الغرب من قناة السويس ولماذا لا يون أمر الانسحاب إلى الممرات وبذلك نضمن بقاء قناة السويس في أيدينا ولا تتعرض مدن القناة لقصف مدفعية العدو حين صلت قواتهم إلى الضفة الشرقية لقنالالسويس وما كان هذا يغيب عن جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر و شمس بدران وزير الحربية وكلهم من الضباط العسكريين فهل كان أمر الانسحاب إلى الغرب من قناة السويس مصادفة أم كان مقصودا به تقديم سيناء لقمة سهله لليهود بغير قتال؟
سادساً : الانسحاب
لماذا أصدر عبد الحكيم عامر أوامره لقوات الجيش بالانسحاب بدون علم رئيس هيئة أركان حرب الجيش وهيئة عمليات الجيش ومعلوم أن هيئة عمليات الجيش مهمتها الرئيسية وضع الخطط الكفيلة بالدفاع عن البلاد وتكون لديها خطط مدروسة وموضوعة زمن السلم بعناية وإتقان ولديها خطط بديلة لكافة الاحتمالات ومنها خطط الانسحاب.
وقد أدى هذا الأمر المباشر من نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى انسحاب غير منظم انقلب إلى فوضى أدت إلى ترك الجنود أسلحتهم لينجو كل فرد بحياته.
والانسحاب مرحلة من مراحل الحرب وله أصول معروفة في فن إدارة الحرب ويجب أن يصدر به أمر عمليات حربية مفصل إلى الوحدات المقاتلة لتنتقل كل وحدة عسكرية من موقع إلى آخر في الخلف بكامل الأسلحة ومعدات الحرب تحت ستار وحماية مؤخرة وغالبا ما يجري الانسحاب ليلا.
والذي حدث في حرب يونيو 1967 كان شيئا مختلفا بالمره فعقب ضربة الطيران في 5/ 6/ 1967 أصدر عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ظهر يوم 6/ 6/ 1967 قرار الانسحاب بالتليفون المباشر منه لقادة الوحدات حتى دون علم القائد العام للجبهة ودون علم رئيس الأركان وهيئة العمليات وفوجئ قائد الجبهة بانسحاب القوات دون علمه فاضطر هو الآخر للانسحاب.
ما شاء الله! ما هذا؟
هل هذا قرار انسحاب قوات عسكرية نظامية طبعا لا!!!
إنما هو قرار بالفرار الجماعي من الحرب لجيش كامل بأسره بأمر من المشير عامر يأمر جنوده بترك أسلحتهم وذخائرهم دون أن يطلقوا طلقه واحدة وينتشروا في الصحراء لينجو كل فرد بحياته.
ولقد ترتب على قرار الفرار الجماعي للإبقاء على حياة أفراد الجيش المصريبهذه الصورة المزرية أنه كلف مصر أضعاف ما كان يحتمل أن يصيبنا من خسائر لو ثبت الجنود في مواقعهم وقاتلوا معركة دفاعية بثبات دفاعا عن أنفسهم وشرفهم العسكري.
وكانت نتيجة قرار عبد الحكيم عامر الذي أمر جنده بالفرار من الحرب أن فقدنا أسلحة الجيش المصري كلها وأرواح الضباط والجنود الذين قدموا حياتهم دون مقابل.
ولقد صرح جمال عبد الناصر في احدي خطبه بعد النكسة بأكثر من عام بأن مصرخسرت 1500 ضابط ، 20000 جندي قتلى في صحراء سيناء في عمليات يونيو1967 .
وهكذا ذهبت أرواح آلاف الشهداء من أبناء الشعب المصري رخيصة بلا هدف حققوه.
سابعاً : من المسئول
لماذا قال المرحوم الرئيس محمد أنور السادات في مجلس الشعب يوم 16/ 10/1973 إن القوات المصرية كانت ضحية يوم 5/ 6/ 1967 ولم تكن أحد أسبابها فهل يفهم من قول أنور السادات أن جيش مصر سيق إلى الذبح يوم 5/ 6/ 1967ولم يعط الفرصة لكي يقاتل حتى ولو دفاعا عن النفس؟ فمن المسئول عن هذه الخيانة الوطنية؟
من المسئول عن ضياع شبه جزيرة سيناء؟
من المسئول عن ضياع أسلحة الجيش المصري الذي دفع الشعب الكادح من الفلاحين والعمال والمثقفين ثمنها؟
من المسئول عن 40000000000 أربعين ألف مليون دولار خسرها شعب مصر منذ كارثة 5 يونيو 1967 وفقا لما جاء في بيان وزير مالية مصر سنة 1975 ونشرته صحف القاهرة في ذلك الحين وكانت هذه الأموال كفيلة بتغير وجه الحياة على أرض مصر .
من المسئول عن آلاف الشهداء الذين قتلوا ولم يقاتلوا؟ من المسئول عن آلاف الأرامل اللائي فقدن الزوج وهن في مقتبل العمر؟ من المسئول عن آلاف الآباء والأمهات والأبناء الذين فقدوا الابن أو الأب؟ من المسئول عن العار الذي لحق بشعب مصر ؟
فالجيش المصري المفتري عليه لم يدخل معارك أصلا في 1967 حتى يمكن الحكم على كفاءته القتالية.
بل هو لم يهزم أصلا لأنه لم يعط الفرصة للقتال وصدرت أوامر المشير عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بترك الأسلحة وأن ينجو كل فرد بحياته ويعود إلى غرب قناة السويس «هل حدث هذا في التاريخ العسكري لأي دولة؟»
«هل حدث هذا في التاريخ العسكري ل مصر ؟»
ثامناً : إن تاريخ العسكرية المصرية مشرف جدا منذ أقدم العصور:
إن المصريين هم أول شعب عرف النظام العسكري وتنظيم الجيوش.
والتاريخ الحربي للإنسان بدأه المصريون ، لقد قاتل المصريون على مر التاريخ دفاعا عن أرضهم وأرض جيرانهم. ويكفي أن نذكر انتصار جنود مصر في المعارك الآتية:
1- معركة مجدو
حينما قاد تحتمس الثالث جيشا مكونا من 30000 مقاتل من دلتا النيل في 19/ 4/ 1468 قبل الميلاد حتى وصل إلى قلعة مجدو عند المنحدر الشمالي لجبل الكرمل يوم 10/ 5/ 1468 أي بمعدل 16 ميلا يوميا.
وقام المصريون بالهجوم على القوات الآسيوية التي كانت تحت قيادة ملك قادش وكانوا يحتلون قلعة مجدو وحقق المصريون نصرا رائعا وقد قلد بونابرت سنة 1799 ميلادية والفيلد مارشال اللبي 1917 تحتمس الثالث وطبقوا تكتيكاته بالحرف عندما زحفوا من مصر على فلسطين .
2- معركة حطين
حينما قاد صلاح الدين الأيوبي جيوش مصر وقام بتدمير القوات الصليبية في معركة حطين تدميرا تاما 3/ 7/ 1187 ميلادية.
3- معركة المنصورة
حينما قاد لويس التاسع ملك فرنسا حملته على مصر واستولى على دمياط وزحف تجاه القاهرة حيث لاقاه جند مصر عند المنصورة فهزموه شر هزيمة سنة1250 ميلادية وتعقبوه إلى دمياط وهزموه مرة أخرى عند فارسكور وأسروا لويس التاسع وقواد جيشه وسجنوهم في دار ابن لقمان بالمنصورة.
ملحوظة :- كانت تحكم مصر امرأة هي شجرة الدر
4- معركة عين جالوت
حينما حاصر التتار بغداد عاصمة الخلافة العباسة فقاومتهم أربعين يوما ثم استسلمت تحت ضغط هجمات المغول الذين ارتكبوا بعد فتحها من الشنائع والفظائع ما يفوق كل ما يتصوره العقل البشري.
واختتموها بقتل الخليفة العباسي المستعصم وأزالوا الخلافة العباسية من بغداد سنة 656 هجرية - 1258 ميلادية بعد أن عمرت هذه الخلافة أكثر من خمسة قرون.
واكتسح هولاكو بجيوشه الشام واستولى على حلب ودمشق وبات يهدد مصروفي وسط هذا الخطر الداهم الذي هدد العالم العربي بالإبادة الكاملة وبدا للعرب أن الغول قوة لا تقهر - خرجت الجيوش المصرية بقيادة السلطان سيف الدين قطز وقابل المغول عند عين جالوت سنة 1260 ميلادية حيث دارت معركة من أكبر معارك التاريخ استطاع قطز فيها أن يهزم المغول هزيمة ساحقة ثم تعقبهم إلى دمشق وطهر الشام من خطرهم.
وعلى هذا النحو حفظت معركة عين جالوت الحضارة الإسلامية من الانهيار.
5- معركة رشيد
حيث أباد شعب رشيد حملة فريزر البريطانية سنة 1807 ميلادية حينما حاولالإنجليز غزو مصر ونزلوا برشيد.
6- معارك عكا وقونية ونزيب
انتصارات جيوش مصر الرائعة بقيادة البطل إبراهيم باشا في عكا 27/ 5/ 1832وقونيه 11/ 12/ 1832 ونزيب 26/ 6/ 1839 حيث حلت الهزيمة الكاملة بالجيش التركي وأصبح الجيش المصري سيد الأناضول.
تاسعاً : أسباب الهزيمة في حرب 1967
إن النصر الذي أحرزته إسرائيل في 5/ 6/1967 لم يكن وليد قواتها بقدر ما كان نتيجة حتمية لفساد نظام حكم جمال عبد الناصر وأعوانه الرئيسيين عبد الحكيم عامر و شمس بدران وحمزة البسيوني و علي شفيق صفوت وأمثالهم ممن حكموامصر في الفترة من 1954 وحتى 1967 .
وسأذكر هنا بعض الحقائق لعلها تكشف عن أسباب الهزيمة العسكرية في يونيو1967 والتي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحربي منذ أن خلق الله الإنسان:
1- في عام 1965 وقف عبد الناصر ليعلن في خطاب له أمام جماهير شعب مصروكان ذلك بحضور شيلبين الزعيم السوفيتي.
قال المرحوم عبد الناصر «إن على الأمريكان أن يشربوا من البحر الأبيض وإذا لم يكفهم فليشربوا من البحر الأحمر».
2- وعقب هذا الخطاب بدأت إسرائيل الإعداد لتحطيم جيش مصر بالاتفاق مع جونسون رئيس الولايات المتحدة وبمعونة عسكرية كاملة من الإدارة الأمريكية وهذا ما يؤكده كثير مما نشر من تحليل التطورات للموقف الأمريكي.
وكان الاسم الكودي لعملية 5/ 6/ 67 المتفق عليه بين إسرائيل والولايات المتحدة (الأبيض / الأحمر).
3- وفي سبتمبر 1965 ادعت أجهزة المباحث الجنائية العسكرية التابعة ل شمس بدران أن هناك مؤامرة تخريبية إجرامية خطيرة يدبرها الإخوان المسلمونبرئاسة سيد قطب لقلب نظام الحكم بعد القيام بعمليات تخريب واسعة الناطق سيترتب عليها نسف محطات الكهرباء ومرافق المياه والمجاري ووسائل المواصلات والكباري والقناطر الخيرية والخزانات المقامة على النيل لتنظيم عمليات الري مما سوف يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربي عن المدن المصرية وتوقف المصانع عن العمل وتعطل ملايين العمال ولن يجد المصريون قوت يومهم ولا الماء ليشربوه ويتعذر ري الأرض الزراعية وتطفح المجاري وتفتك الأوبئة والجوع والعطش بشعب مصر وتتوقف المستشفيات عن العمل لانقطاع المياه والتيار الكهربائي ويموت المرضى.
ومعنى ذلك أن الإخوان المسلمين سيقومون باغتيال شعب مصر باسم الإسلاموباسم الدين الحنيف ويصل الإفك إلى حد أن حمدي قنديل يعرض على شاشة التلفزيون المصري شبابا حلقت رءوسهم بالموسى يعترفون على أنفسهم بأنهم كانوا سيفعلون كل هذا التدمير بشعب مصر .
ويصدق جمال عبد الناصر هذا الإفك أو يتظاهر بأنه مصدق ويصدق عبد الحكيم عامر هذا الإفك الذي لا يمكن أن يصدقه رجل عاقل فضلا عن كونه رجلا مسئولا.
وقد حاول اللواء عبد العظيم فهمي وزير الداخلية أن يوضح للمشير عامر أن هذه تقارير غير صحيحة ولا توجد مؤامرة إخوانية.
إلا أن المشير عامر عنفه وقال له : أنت ووزارة الداخلية بتاعتك نايمين في العسل والمباحث الجنائية العسكرية أنقذت أعناقنا بأعجوبة من القتل وقد أطلق جمال عبد الناصر يد شمس بدران في اعتقال الإخوان المسلمين في مصر عام 1965 لم يسبق لها مثيل في تاريخ مصر ولا في تاريخ الإنسانية شملت أكثر من ستين ألف معتقل من مختلف أنحاء القطر المصري مما نشر الفزع والهلع وأشاع الإرهاب في مئات الألوف من العائلات المصرية لأن عائل العائلة أو أحد أبنائها قد قبض عليه ولا يعرف مصيره.
ولقد سمعنا جميعا خطابا من جمال عبد الناصر افتخر فيه بأنه قبض على ثلاثين ألف من الإخوان في ساعات بواسطة أجهزته الرهيبة.
وقبل خطابه هذا بأيام صرح في موسكو أنه قبض على آلاف الإخوان المسلمينوسوف لا يرحمهم أبدا.
وكان المقبوض عليهم يلقون في السجون ويهملون إهمالا تاما إلا من التنكيل والتعذيب.
ولقد أنزل الخونة المارقون عملاء اليهودية العالمية بالأبرياء من الإخوان المسلمين أقسى أنواع التنكيل البشع قبل أن يثبت عليهم أي جرم.
وقد كان أيسر ما يفعلونه بالناس أن يوقفوهم عرايا كما ولدتهم أمهاتهم ثم يأمرشمس بدران وأعوانه كحمزة البسيوني ... إلخ يضرب الضحايا بالسياط حتى تتمزق الأجساد ويسيل منها الدماء ويصبح الإنسان لونه كلون الكبده وكانوا يطلقون الكلاب عليهم لتنهش أجسامهم ويخلعون أظافرهم ويلقونهم بعد ذلك في ماء مثلج ثم يخرجونهم ليكووا أجسامهم بأسياخ الحديد المتوهجة بعد وضعها في النار ثم يرغمون هؤلاء المعذبين على التوقيع على أوراق بيضاء يكتبون فيها ويزيفون ويختلقون المؤامرات التي لا أساس لها.
وقدموا الألوف لمحاكمات هزلية حكمت على سنة بالإعدام منهم العالم الجليلسيد قطب ومئات بالمؤبد والقليل 15 سنة وفي عام 1966 كوفئ المجرم شمس بدران على تعذيبه للإخوان فعينه عبد الناصر وزيرا للحربية.
و شمس بدران من خريجي الكلية الحربية 1948 وكان برتبة اليوزباشي 1952يوم أن قامت الثورة .
وعمل بعض الوقت في مكتب عبد الحكيم عامر وبعد فترة أصبح من أقرب المقربين إليه وقد أدى هذا القرب إلى تمتع شمس بدران بسلطات واسعة.
ومما لاشك فيه أن اصطلاح «مراكز القوى» الذي استخدمه عبد الناصر نفسه بعد النكسة ينطبق تماما على شمس بدران حتى يوم 10/ 6/ 1967 يوم تقديم استقالته فقد كان في مصر حاكم رسمي هو جمال عبد الناصر يقابل سفراء الدول الأجنبية ويمثل مصر أمام العالم الخارجي ويخطب أمام الشعب في المناسبات القومية وكان في مصر حاكم فعلى هو شمس بدران الذي كانت تتجمع خيوط كل القوى في يده.
وكانت علاقته بالمشير عامر وطيدة ومبنية على الثقة الكاملة وأطلق المشير يدشمس بدران دون قيد أو شرط على كافة اختصاصات المشير فكانت سلطاتشمس بدران واسعة في الدولة والقوات المسلحة والوزارات والقطاع العام بلا حدود.
ولم تكن ثقافة شمس بدران تؤهله لمركز وزير الحربية فهو لم يتدرج في وظائف القوات المسلحة بالوحدات المقاتلة ليكتسب الخبرة العملية اللازمة وليست له ثقافة سياسية تمكنه لشغل هذا المنصب الخطير بل ظل يعمل بمكتب المشير عامر منذ كان برتبة النقيب حتى عين وزيرا للحربية سنة 1966 .
واقتصر عمل شمس بدران بمكتب المشير على شيء واحد فقط هو السلطة والسلطة الغاشمة. فاختص بتنقلات الضباط وترقياتهم وإحالتهم على المعاش واعتقالهم وتعذيبهم في السجن الحربي وأشرف شمس بدران على المباحث الجنائية العسكرية والشرطة العسكرية والسجون الحربية. وهذا التنظيم لم يكن موجودا قبل الثورة فشئون الضباط تختص بها إدارة كاتم أسرار الحربية والتي سميت بعد ذلك بإدارة شئون الضباط والشرطة العسكرية تتبع قادة المناطق العسكرية فالشرطة العسكرية الموجودة في القاهرة تتبع القائد العسكري لمنطقةالقاهرة أو المنطقة المركزية كما كانت تسمى دائما وكذلك السجون الحربية تتبع قادة المناطق العسكرية وأما المباحث الجنائية العسكرية فلم تكن موجودة قبل الثورة واستحدثتها حكومة عبد الناصر وقد قامت هذه المباحث بمعظم الأموال الإجرامية في عهد عبد الناصر مثل تعذيب وقتل الناس في السجون وحوادث كمشيش وغيرها من الجرائم التي ارتكبت في حق شعب مصر تحت شعار تصفية الإقطاع أو تصفية أعداء الشعب.
وقد ألغيت المباحث الجنائية العسكرية بعد قارعة 5 يونيو 1967 وبمقتضى هذا التنظيم الغريب والخطير الذي يتنافى مع أبسط مبادئ السلامة والأمن أمن الشعب وأمن الحاكم ، بمقتضى هذا التنظيم أصبح شمس بدران هو المسئول عن أمن حاكم مصر والتأكد من ولاء ضباط القوات المسلحة لحاكم مصر .
واستطاع شمس بدران أن يصبح مركز القوة الحقيقي في مصر فهو المسيطر على شئون ضباط القوات المسلحة من حيث الترقيات والتنقلات والإحالة على المعاش وتحت يده جهاز المباحث الجنائية العسكرية والشرطة العسكرية والسجون الحربية.
وأصبح في إمكان شمس بدران أن يعتقل أي إنسان في مصر مدينا كان أو عسكريا ويلقي به في غياهب السجون الحربية حيث تتلقفه أيدي زبانية التعذيب الذين يمكنهم بعد ساعات قليلة أن ينتزعوا من ضحيتهم أي اعتراف مطلوب.
واستطاع شمس بدران أن يكون لنفسه شلة من أعوانه يدينون له بالولاء شخصيا وكان شمس بدران شخصا معدوم الضمير وتكونت شلته على شاكلته أي من معدومي الضمائر فجمعتهم مصالحهم الشخصية في التمتع بالسلطة ونهب الأموال العامة بلا حسيب أو رقيب.
وبدأ شمس بدران يزيد من قبضته على القوات المسلحة فكلف أعوانه بالتجسس على زملائهم وعلى قادتهم بحجة تأمين الحاكم ونظام الحكم.
وكان لانتشار الجاسوسية أثر مدمر على كفاءة القوات المسلحة القتالية إذ أصبح معيار تقييم الضباط مدى ما يظهرونه من ولاء ل شمس بدران لا الكفاءة العسكرية وبذلك استشرت عوامل الفساد في القوات المسلحة المصرية وانتهى الضبط والربط والاحترام الواجب للقادة.
لأن إظهار الولاء أمر سهل فالنفاق وكتابة التقارير والتجسس على الناس أيسر من بذل الجهد في التدريب والنجاح في العمل.
وعاش ضباط القوات المسلحة في جو من الإرهاب والجاسوسية وأصبح الضباط مراقبين في بيوتهم ومقار أعمالهم ولا يأمن أحد منهم على حياته أو مستقبله.
وكم قبض شمس بدران على عدد كبير من ضباط الجيش من مختلف الرتب وأودعوا الزنزانات في السجن الحربي وتم تعذيبهم حتى يعترفوا بما لم يقترفوا.
وأصبح شمس بدران هو الحاكم الحقيقي ل مصر وقد دفعه طموحه إلى أن يفكر في وراثة عبد الناصر في حكم مصر بعد وفاته أو خلعه على يد أعوان شمس. ولو روجعت أسماء الضباط الذين استبعدوا من خدمة القوات المسلحة منذ 23/ 7/1952 حتى يوم وفاة عبد الناصر لوصل العدد إلى رقم مذهل ، استبعدوا في سن الشباب ولم يصلوا بعد إلى سن التقاعد.
ولم يتنبه عبد الناصر إلى أن الخائفين لا يمكنهم أن يقاتلوا أو يدفعوا عدوا مهما كان لديهم من أسلحة ولم يعد كبار الضباط يهتمون بالتعليم والتدريب وتربية الجيل الجديد من الضباط لأن ذلك لم يعد بضاعة رائجة ولا سبيلا للترقي وإنما السبيل هو الاشتغال بالجاسوسية لحساب شمس بدران .
ولم يعد صغار الضباط يهتمون بالاستزادة من العلم والعناية بتدريب جنودهم لأن ذلك لم يعد بضاعة رائجة ولا سبيل للترقي وإنما السبيل هو الاشتغال بالجاسوسية لحساب شمس بدران .
لقد عين عبد الناصر شمس بدران وزيرا للحربية سنة 1966 ولم يكن كفئا لتولي هذا المنصب كل مؤهلاته أنه جلاد ورئيس شبكة جواسيس.
وبذلك يكون جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر و شمس بدران و حمزة البسيوني وأعوانهم هم الذين هزموا جيش مصر سنة 1967 ولم يهزم جيش مصرجنود إسرائيل فهل عرف شعب مصر سبب كارثة 5/ 6/ 1967 إنه حكم الإرهاب والمعتقلات وتعذيب وقتل الناس في السجون بطريقة وحشية لم يسبق لها مثيل ولذلك جاء انتقام الله ، فجاءت هزيمة 5/ 6/ 1967 فريدة في نوعها ولم يسبق لها مثل في تاريخ الحروب منذ أن خلق الله الإنسان.
إن الجيش المصري مفترى عليه في هزيمة 1967 ، لقد كانت مقدرات هذا الجيش في أيدي عصابة من الخونة المارقين واللصوص الخطرين الذين فرضوا الإرهاب على شعب وجيش مصر منذ عام 1954 وانفردوا بالسلطان ونهبوا الأموال العامة وحولوا ملايين الجنيهات إلى حساباتهم السرية في بنوك أوروبا.
وإن أنس لا أنسى القضية الشهيرة بأحد الضباط المقربين من عبد الحكيم عامروالذي كان له دور كبير في تعذيب الإخوان سنة 1954 في السجن الحربي والذي عاث في الأرض فسادا وأشبع شهواته على حساب سلطات المشير وكرامته وأموال الدولة وسمعة الجيش وأصبح مليونيرا بعد أن كان قبل الثورة لا يجد إلا مرتب النقيب المتواضع وقتل هذا الضابط في شقته بلندن بالشوم والعصي الغليظة ووجد البوليس الإنجليزي في شقته مليون جنيه إسترليني نقدا.
إن تفاصيل التحقيق في هذه القضية محفوظة في قيادة القوات المسلحة وهي تنطوي على استغلال النفوذ والتزوير للإثراء الفاحش وتهريب البضائع من الجمارك بحجة أن هذه البضائع ورادة للقوات المسلحة في حين كانت تسلم هذه البضائع لبعض التجار في مصر بدون رسوم جمركية ويتقاسم الضباط على شفيق صفوت وعصابته الأرباع الفاحشة مستغلا في ذلك وظيفته كسكرتير للمشير عبد الحكيم عامر كما تضمنت القضية تفاصيل مذهلة عن اعتقال الأبرياء وتعذيبهم وإجبار بعضهم على تطليق زوجاتهم تحت وطأة التعذيب ... إلخ.
هذه المهازل والفضائح والجرائم وسوء استعمال السلطة في أغراض النهب والسلب وهتك الأعراض كانت ترتكب في عهد عبد الناصر في الوقت الذي كانعبد الناصر يرفع فيه شعار «ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق