الأحد، 11 يناير 2015

الإمام محمد بن علي السنوسي اسمه ونسبه وشيوخه ورحلاته في طلب العلم

أولاً : اسمه ونسبه:
هو الشيخ محمد بن علي بن السنوسي بن العربي بن محمد بن عبدالقادر بن شهيدة بن حم بن يوسف بن عبدالله بن خطاب بن علي بن يحيى بن راشد بن أحمد المرابط ابن منداس بن عبدالقوي بن عبدالرحمن بن يوسف بن زيان بن زين العابدين بن يوسف بن حسن بن ادريس بن سعيد بن يعقوب بن داود بن حمزة بن علي بن عمران بن إدريس بن إدريس بن عبدالله الكامل ابن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي.
ولد سنة 1202هـ صبيحة يوم الاثنين الموافق الثاني عشر من ربيع الأول عند طلوع الفجر ولذلك سماه والده محمداً تيمناً باسم النبي وكانت ولادته بضاحية ( مَيْثاً ) الواقعة ضفة وادي شِلْف بمنطقة الواسطة التابعة

لبلدة مستغانم في الجزائر وتوفي والده بعد عامين من ولادته، وتولت عمته فاطمة تربيته وتنشئته تنشئة صالحة وكانت من فضيلات أهل زمانها، ومتبحرة في العلوم ومنقطعة للتدريس والوعظ يحضر دروسها ومواعيظها الرجال واهتمت السيدة فاطمة بابن أخيها الذي أظهر حباً عظيماً لتحصيل العلوم، فأخذ يطلب العلوم من شيوخ مستغانم، وغيرها من البلاد المجاورة لها مع تعهد عمته له ومن أشهر شيوخه في تلك المرحلة، فمنهم من أخذ عنهم القرآن الكريم مع القراءات السبع، محمد بن قعمش الطهراوي زوج عمته، وابنه عبدالقادر وكانا عالمين جليلين صالحين وابن عمه الشيخ محمد السنوسي الذي تولاه بعد وفاة عمته في الطاعون عام 1209هـ وعمره لم يتجاوز السابعة واتم على ابن عمه حفظ القرآن الكريم برواياته السبع مع علم رسم الخط للمصحف والضبط وقرأ عليه الرسالات الآتية، مورد الظمآن، المصباح، العقيلية، الندى، الجزرية، الهداية المرضية في القراءة المكية، حرز الأماني للشاطبي، وغيرها مما هو من وظائف قارئ القرآن  وبعد أن أتم مايلزمه من

لوازم حفظ القرآن واتقانه شرع ابن عمه الشيخ محمد السنوسي في تعليمه العلوم العربية ثم الدينية بالتدرج وتربيته على العمل بما تعلم وكان يزوده بتراجم العلماء والقادة والفقهاء وتوفي ابن عمه عام 1219هـ فجلس محمد بن علي على شيوخ من مستغانم وهم: محي الدين بن شلهبة، ومحمد بن ابي زوينة، وعبدالقادر بن عمور، ومحمد القندوز، ومحمد بن عبدالله، وأحمد الطبولي الطرابلسي، وكلهم من جهابذة العلماء في زمانهم ومكث يطلب العلم في مستغانم سنتين كاملتين

وفي أوائل 1221هـ خرج من مستغانم إلى بلدة مازونه ومكث بها سنة واحدة وتتلمذ على مجموعة من المشائخ هم، محمد بن علي بن أبي طالب، أبو رأس المعسكري، وأبو المهل أبو زوينه

وبعد ذلك رحل إلى مدينة تلمسان وأقام بها مايقارب من السنة وتتلمذ على كبار شيوخها 


ثانياً: نبوغ مبكر :
كان الشيخ محمد بن علي السنوسي في صغره يميل إلى الإنزواء والإنفراد ويمضي وقتاً طويلاً في التفكير العميق، ويتألم من حال الأمة وما وصلت
إليه من الضعف والهوان والضياع وكان يبحث عن عوامل النهوض، وأسباب توحيد صفوف الأمة، واحياء الملة الإسلامية، وحدث ذات مرة أن وجده بعض العلماء جالساً فوق كثيب من الرمال تظهر على صفحات وجهه المشرق علامات التفكير العميق، فلما سألوه عن السبب في ذلك، أجاب بأنه ( يفكر في حال العالم الإسلامي الذي لايعدو عن كونه قطيعاً من الغنم لاراعي له على الرغم من وجود سلاطينه وأمرائه ومشايخ طرقه وعلمائه، فمع أن هناك عدداً كبيراً من المرشدين وعلماء الدين الموجودين في كل مكان، فإن العالم الإسلامي لايزال مفتقراً أشد الافتقار إلى مرشد حقيقي يكون هدفه سوق العالم الإسلامي أجمع إلى غاية واحدة ونحو غرض واحد والسبب في هذا إنعدام الغيرة الدينية لدى العلماء والشيوخ وإنصرافهم إلى الخلافات القائمة بينهم قد فرقتهم شيعاً وجماعات فأصبحوا لايعنون بنشر العلم والمعرفة ولايعملون بأوامر الدين الحنيف، وهو دين توحيد أساسه الاتحاد وجمع الكلمة. زد على هذا أن على هؤلاء العلماء والشيوخ واجب عظيم في حق الملة الإسلامية، إذ أن الشعوب المجاورة في السودان والصحراء من افريقية الغربية - لاتزال تعبد الأوثان، ومع هذا فانهم بدلاً من وعظ هذه الشعوب الوثنية وإرشادهم إلى الدين القويم، مازالوا يفضلون القبوع في كل مسجد من مساجد المعمورة غير عاملين بعلمهم لاهم لهم إلا راحة أجسامهم، حريصين على لذاتهم، غير قائمين بواجبات مراكزهم، لاضمائر لهم تؤنبهم على إهمالهم إرشاد
هؤلاء المساكين، الوثنيين  ومع ذلك فقد بلغ السيد من القوافل الواصلة إلى بلده مستغانم أن الإسلام مغلوب على أمره في كل محل، ( وأن المقاطعات والخطط المعمورة تذهب من أيدي المسلمين في كل وقت وبسرعة البرق، فالإسلام في حالة التدهور المخيف. تم ختم كلامه بقوله: ( هذا ما أفكر فيه! فلما سألوه وماذا يجب على المسلمين عمله لتلافي ماذكرت، أجاب: سأجتهد، سأجتهد 
لقد كان تفكيره في حال الأمة مبكراً، واجتهد في البحث عن العلل والأسباب التي أدت إلى التدهور والضعف المخيف في كيان الأمة وذكر أن من أسباب هذا الضياع فقدان القيادة الراشدة، وغياب العلماء الربانيين، وانعدام الغيرة الدينية، والإنشغال بالخلافات التي فرقتهم شيعاً وجماعات، والتفريط في حق دعوة الناس إلى الإسلام، وضياع الأقاليم الإسلامية، ولذلك اهتم بالبحث عن عوامل النهوض فرأى أن بدايتها في الإيمان العميق الذي هو أساس كل خير وسبب لحصول البركات ونزول الأرزاق قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من
السماء والأرض ... } ( سورة الأعراف، الآية: 9 ).
إن الإيمان هو القضية الأولى والأساسية لهذه الأمة، فإذا تخلف المسلمون عن غيرهم في وسائل الحياة الحرة الكريمة فمرد ذلك إلى انحرافهم عن فهم الإسلام فهماً سليماً، وعن ضعف إيمانهم بقيمه ومثله ولاسبيل إلى إصلاح حالهم ومآلهم إلا بالإيمان على الوجه الذي بينه الله في كتابه، ورسوله e في سنته. وهو أن يكون طاقة دافعة إلى العمل، وقوة محركة للبناء، وحافزاً طبيعياً للتفوق وقد وصل إلى حقيقة مهمة ألا وهي أهمية العلم في نهوض الأفراد والجماعات والأمم، لأن العلم ظهير الإيمان، وأساس العمل الصالح، ودليل العبادة
فبعد أن قطع المرحلة الأولى من طلب العلم في بلده الجزائر اشتاقت نفسه للمزيد:
قال أبو اسحاق الألبيري - رحمه الله - :
فلو قد ذقت من حلواه طعماً
                      لآثرت التعلم واجتهدت
ولم يشغلك عن هوى مطاع  
                       ولادنيا بزخرفها فتنا
ولا ألهاك عنه أنيق روض
                       ولاخدر بزينتها كلفتا
فقوت الروح أرواح المعاني
                        وليس بأن طعمت ولاشربتا
  
 
رحلة الامام الى فاس فى التدوينة القادمة





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق