الأربعاء، 21 يناير 2015

ثورة 15 مايو سنة 1971 (اسرار الضباط الاحرار والاخوان المسلمين)

انتهت هزيمة 5 يونيو سنة 1967 بنكبة مراكز القوى التي كانت تهيمن على مقدرات شعب مصر وجيشها قبل ذلك اليوم الحزين فقتل عبد الحكيم عامربالسم وقيل إنه انتحر وسجن شمس بدران و صلاح نصر وغيرهم وقال جمال عبد الناصر في إحدى خطبه :
«لقد سقطت مراكز القوى إلى الأبد وسقطت الدولة البوليسية دولة المخابرات والمباحث».
ولكن النكبة التي حلت بمراكز القوى لم تمنع النكبة التي حلت ب مصر وشعبا فقد احتل اليهود شبه جزيرة سينا وخسرت مصر أربعين ألف مليون دولار نتيجة لحرب 1967 هذا بخلاف أرواح 20000 شهيد والتي لا تقدر بمال ولكن يظهر أن من شب على شيء شاب عليه فما لبث أن وقع عبد الناصر في قبضة مركز قوة آخر يتزعمه سامي شرف وأعوانه.
وأصبح عبد الناصر هو الحاكم الرسمي و سامي شرف هو الحاكم الفعلي ل مصر . ومن الغريب أن عبد الناصر لم يمارس الحكم إلا من خلال الأجهزة السرية وأجهزة الأمن والقمع والتجسس. وهكذا تخلص عبد الناصر من أخطر مركز قوة في الجيش بزعامة شمس بدران عقب كارثة 5/ 6/ 1967 ليقع ثانية في قبضة مركز قوة آخر بزعامة سامي شرف .
واستمرت الدولة البوليسية واستمر الاعتقال والتعذيب في السجون ولكن بأشخاص جدد وزبانية آخرين غير الذين كانوا قبل 1967 .
وتكونت طبقة جديدة من حكام وثيقي الصلة ب عبد الناصر اعتبرت نفسها فوق الشعب المصري وفوق القانون والحساب.
واستمر الحال في مصر على هذا المنوال إلى أن مات عبد الناصر في 28/ 9/1970 .
وفي اليوم التالي لدفن عبد الناصر بدأت المناورات وذهب اثنان من مراكز القوى ل أنور السادات في قصر العروبة يعربون له عن خوفهم من حدوث شرخ في اللجنة التنفيذية العليا المحدد لها اليوم التالي بحجة وجود اعتراض على مسألة تحديد ميعاد الانتخابات لرئاسة الجمهوري بعد أسبوعين مباشرة من دفن عبد الناصر لأن المسألة ستبدو وكأن المقصود منها هو انتخاب شخص محدد بالذات . ولكن السادات واجه الأمر بذكاء وتمت الانتخابات وانتخب أنور السادات يوم 16/ 10/ 1970 رئيسا للجمهورية وفي 2/ 5/ 1971 أقال السادات علي صبريوفي 11/ 5/ 1971 اكتشف السادات تفاصيل المؤامرة التي دبرتها مراكز القوى من الشرائط التي جاء بها إليه أحد ضباط الشرطة.
وفي 12/ 5/ 1971 زار السادات جبهة القتال والتقى مع ضباط القوات المسلحة وفي هذا اللقاء طلب أحد الضباط الكلمة وبدأها قائلا :
«سيادة الرئيس لقد أقلت علي صبري لقد قضيت على الرأس فمتى تقضي على الأذناب ؟» وهنا صفق ضباط القوات المسلحة الموجودون في هذا الاجتماع جميعا في حرارة شديدة.
وفي صباح 13/ 5/ 1971 أقال السادات شعراوي جمعة وزير الداخلية. وفي مساء 13/5 / 19 تحركت مراكز القوى للاستيلاء على السلطة فأخذت تذيع المارشات العسكرية من محطة الإذاعة ثم أذاعت بيانا بالاستقالات الجماعية لوزراء الحربية والإعلام وشئون رئاسة الجمهورية لتوحي للرأي العام أن هناك انهيارا في أداة الحكم. وتكون الاستقالات هي ساعة الصفر لأنصارهم ليتحركوا ليعيدوهم إلى الحكم بالقوة.
واستدعى الرئيس السادات الفريق محمد الليثي ناصف قائد الحرس الجمهوري وكلفه بما يلي :
أولا : اعتقال كل من :
1- شعراوي جمعة ... وزير الداخلية المقال.
2- الفريق أول محمد فوزي ... وزير الحربية المستقيل.
3- محمد فائق ... وزير الإعلام المستقيل.
4- سامي شرف ... وزير شئون رئاسة الجمهورية.
5- عبد المحسن أبو النور ... الأمين العام للاتحاد الاشتراكي.
6- أحمد كامل ... مدير المخابرات العامة.
7- اللواء حسن طلعت ... مدير المباحث العامة.
8- علي صبري ... نائب رئيس الجمهورية المقال.
ثانيا : احتلال مبني وزارة الداخلية :
طلب السادات من الفريق الليثي ناصف احتلال مبنى وزارة الداخلية بقوات كافية من الحرس الجمهوري لتمكين السيد محمد سالم من استلام عمله الجديد على الفور كوزير للداخلية وضمان السيطرة الفورية على جهاز المباحث العامة وقوات الأمن المركزي قوات أمن القاهرة حتى لا تستخدم لصالح المتآمرين وقد باشر ممدوح سالم عمله كوزير للداخلية اعتبارا من الساعة الخامسة مساء يوم 13/ 5/ 1971 .

أسباب نجاح ثورة 15 مايو سنة 1971

1- افتقاد المتآمرين لأي رصيد شعبي بين أفراد الشعب المصري والقوات المسلحة والشرطة.
2- موقف الفريق أول محمد صادق رئيس هيئة أركان حرب الجيش المصري الذي قام بجهد جبار للحيلولة دون استخدام الجيش المصري لصالح المتآمرين فقام بالاتصال بقادة القوات المقاتلة وأفهمهم بحقيقة الموقف وأمكنه فرض سيطرته على القوات المسلحة وحال بين الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة وبين تحريك أي قوة من قوات الجيش لصالح المتآمرين.
3- موقف الفريق الليثي ناصف والذي كان يشغل وظيفة قائد الحرس الجمهوري منذ عهد عبد الناصر وكان يتلقى تعليماته من سامي شرف وزير شئون رئاسة الجمهورية وقد اتصل به الفريق أول محمد صادق وأفهمه بحزم بأنه سيضطر لاستخدام قوات الجيش المصري ضد الحرس الجمهوري إذا استجاب لتعليماتسامي شرف وطلب منه تنفيذ تعليمات الرئيس أنور السادات الحاكم الشرعي للبلاد.
وقد كلف السادات الفريق الليثي ناصف باعتقال المتآمرين فنفذ الأوامر على الفور .
وقد قتل الفريق الليثي ناصف بعد ذلك في لندن في حادث غامض لم يكشف عنه بعد.
4- موقف اللواء ممدوح سالم
استطاع اللواء ممدوح سالم فور استلامه العمل كوزير للداخلية مساء يوم 13/ 5/ 1971 السيطرة على قوات الأمن المركزي وقوات أمن القاهرة وجهاز المباحث العامة وحال دون استخدامها لصالح المتآمرين.

ثمار ثورة التصحيح في 15 مايو 1971

كان أول ثمار ل ثورة 15 مايو 1971 دستور مصر الدائم 1971 الذي أقر الحريات العامة وأكد استقلال القضاء وسيادة القانون وسقوط حكم الإرهاب وتصفية المعتقلات والعفو عن المسجونين السياسيين قبل 15 مايو 1971 ورفعت الرقابة على الصحف ولأول مرة ينص دستور 1971 على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع في مصر .
وثورة 15 مايو 71 ثورة قادها أحد الضباط الأحرار وأحد أبطال ثورة يوليو 52الرئيس محمد أنور السادات ، لقد كان شعب مصر قبل ثورة يوليو 52 في حالة من التخلف وعدم استقرار الحكم فلما جاءت ثورة 23 يوليو 1952 هتف الشعب لها من كل قلبه وعقد عليها الآمال في أن تحرره من حكم الإرهاب والطغيان الملكي ووطأة البوليس السياسي.
ولكن ثورة 23 يوليو 1952 بدلا من أن تقيم لشعب مصر نظام حكم يستند إلى مبدأ الشورى الإسلامي يشعر الإنسان المصري بقيمته. أقامت نظاما إرهابيا وحكما بوليسيا ونشرت الجاسوسية وقهرت الشعب والجيش تحت وطأة الاعتقالات والتعذيب الوحشي في السجون والمحاكم الاستثنائية والأحكام الاستثنائية الظالمة. ولم يبق للإنسان في مصر في ظل نظام حكم عبد الناصر إلا احترام شكلي وشاع الخراب والبوار الاقتصادي وتحولت الدولة إلى دولة موظفين بلا عمل وانتشر الفساد والرشوة وتحكمت الأهواء والشهوات ونهبت الأموال العامة ولم تسلم قدسية القضاء من العدوان حتى أمكن بجرة قلم أن يفصل جمال عبد الناصر العديد من خيرة رجاله بشكل لم يسبق له مثيل في أي بلد من بلاد العالم المتمدين وعلى ذلك يمكن القول إن الثمرة الأولى ل ثورةالتصحيح هي الحرية.

الفصل العاشر: حرب رمضان / أكتوبر 1973

مقدمة

هزيمة جيش مصر عام 1967
ونصر جيش مصر عام 1973
حدثان هائلان أدهشا العالم المعاصر وقد أخذ الباحثون العسكريون من الأجانب يفسرون أسباب الهزيمة النكراء التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشر منذ أن خلق الله الإنسان ويدهشون من النصر الرائع الذي حققه جنود مصر في حرب رمضان / أكتوبر 73 العدو واحد ( إسرائيل ) والشعب واحد (شعب مصر ) والسلاح واحد في الحربين ، سلاح سوفيتي مع جند مصر سنة 1967 هزموا به شر هزيمة ونفس السلاح السوفيتي مع جند مصر سنة 1973 نصروا به نصرا لم يتوقعه أحد في العالم كله.
لا الروس توقعوه ولا الأمريكان ولا الأوروبيون ولا بنو إسرائيل ولا العرب ولا حتى بعض المصريين.
بل أجمع العالم كله على أن مصر إن أقدمت على الحرب فستكون نهايتها وسيقضى على جيش مصر نهائيا لو حال عبور قناة السويس .
والفترة الزمنية بين الهزيمة والنصر ست سنوات وأربعة شهور وهي ليست بزمن في تاريخ الشعوب وتحت أي مقياس علمي عصري لا يمكن أن تكون النتائج كما حدثت.
ففي 67 كان التفوق المادي في التسليح لدى مصر فكانت قوات مصر تفوق قوات إسرائيل عددا وتسليحا وعتادا وكانت كميات الأسلحة التي لدى المصريين مذهلة وفي 73 كانت إسرائيل تتفوق على مصر في الطائرات والمدرعات عددا ونوعية والطائرات والمدرعات هي القوة الضاربة في القوات المسلحة المعاصرة.
ففي 73 لم يكن التفوق الجوي في جانب إسرائيل فحسب بل كانت لها السيادة الجوية.
زودت أمريكا إسرائيل بطائرات الفانتوم بينما لم يتعد تسليح مصر طائرات الميج 21 وهي أقل كفاءة من الفانتوم الأمريكية الصنع.
ورفض الروس رفضا باتا تسليح مصر بالأسلحة الهجومية المتقدمة وبخاصة طائرات الميج 23 واكتفوا بالأسلحة الدفاعية المتقدمة كالصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات.

فما سر الهزيمة وما سر النصر؟

في عام 1967 كان جمال عبد الناصر يحكم مصر من خلال أجهزة سرية أشاعت الرعب والهلع في شعب وجيش مصر .
وعقب ثورة 15 مايو 1971 قضى على حكم الإرهاب في مصر وتحول نظام الحكم في مصر من نظام ديكتاتوري استبدادي إلى نظام انتهى فيه تكميم الأفواه وبدأت مصر تتنسم نسيم الحرية وتمارس حرية الرأي والفكر.
ومن أهم أسباب الظفر في حرب العاشر من رمضان 6 أكتوبر 1973 أن السادات المختصين في التخطيط للمعركة المقبلة.
ولم يكن القائد العام هو الذي وضع الخطة وحده بل اشترك فيها جميع القادة كل بدرجة مسئوليته. فبعد أن سلم أنور السادات الأمر الاستراتيجي للمشير أحمد إسماعيل بدئ في وضع خطة العبور وطلب من كل قائد أن يضع تصوره على ضوء ما يملكه من أسلحة وذخائر ومعدات حربية.
ومن مجموع ما أرسله القادة للقائد العام وعلى ضوء الأمر الاستراتيجي الصادر من القيادة السياسية وضع المشير أحمد إسماعيل خطة المعركة بمعاونة رئيس هيئة العمليات الفريق الجسمي ومعاونيه من قادة أفرع القوات المسلحة الرئيسية.
من أجل ذلك نجحت معركة 6 أكتوبر 1973 لأن كل قائد محدد له هدف اشترك في صنعه. بالإضافة إلى عامل آخر كان له أثر حاسم في النصر ذلك العامل هو قوة الإيمان.

دور علماء الأزهر في حرب 1973

ولا أذيع سرا إذا قلت إن وراء نصر أكتوبر 1973 جنودا مجهولين لم يشر إليهم أحد من قبل؛ هؤلاء الجنود المجهولين هم السادة علماء الأزهر الشريف ، لقد ذهلت إسرائيل من بسالة وشجاعة الجنود المصريين حتى صور لها خيالها المريض أن المصريين اخترعوا حبوبا للشجاعة فلما وقع أحد أطباء الجيش المصري أسيرا في أيديهم عذبوه ليعترف على حبوب الشجاعة وسر تركيبها الكيميائي.
ولم يكن هناك حبوب للشجاعة على الإطلاق وإنما كان هناك شيء آخر.
فبعد هزيمة 1967 أدرك قادة مصر العسكريون أن من أهم أسباب هزيمة 1967ضعف الإيمان الديني في النفوس.
فطلبت القيادة العسكرية من إدارة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة أن تستعين بعلماء الأزهر الشريف لتربية جنود الجيش المصري تربية دينية ولبث روح حب الاستشهاد في سبيل الله في نفوس أفراده فأقيمت الصلوات ورفع الأذان في معسكرات الجيش وتولى أمر التوجيه المعنوي لقوات مصر الباسلة نخبة ممتازة من علماء الأزهر على رأسهم المرحوم الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمودشيخ الأزهر.
وقد كان للدور الذي قام به علماء الأزهر أثر حاسم في رفع كفاءة القوات المسلحة لأن الروح المعنوية العالية من أهم عوامل النصر.
ولقد ترتب على بعث روح الجهاد الديني أن شحن الجيش المصري شحنة روحية هائلة كان من نتائجها أن أصبح الموت في سبيل الله أسمى أمنية يتمانها جنودمصر .
وقد صرح المغفور له البطل الشهيد أحمد إسماعيل بأن القيادة العسكرية المصرية لم تطلب من الجنود هتافا معينا ولكن جنود مصر حينما عبروا القناة هتفوا تلقائيا «الله أكبر».
وقد صرح الرئيس محمد حسني مبارك في خطاب له بمناسبة ذكرى مرر أحد عشر عاما على انتصار مص في معركة أكتوبر 1973 أن هتاف الله أكبر كان أقوى من الصواريخ ومن القنابل.
ولقد كان هتاف الجنود «الله أكبر» إعلانا بهوية الجيش الذي عبر قناة السويستحت شعار «الله أكبر» فنصره الله نصرا مؤزرا. وأنزل الله جنودا لم نرها وألقى الرعب في قلوب بني إسرائيل .
وصدق الله إذ يقول : «سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب».
وصدق رسول الله إذ يقول : «نصرت بالرعب».
ولقد أبدى جنود المشاة المصريون شجاعة تفوق التصور في حرب رمضان حتى إن أحد الجنود استطاع وحده أن يدمر سبع عشرة دبابة للعدو وهذا أمر مذهل لا يتأتى لأي جندي مشاة آخر في العالم إلا لجند الله الذين باعوا أنفسهم له وآثروا نعيم الآخرة وخلودها على دنيا الناس الفانية وبمناسبة الحديث عن حرب رمضان أرى من واجبي أن أسجل بالفخر للقيادة العسكرية المصرية براعتها في استغلال ما تحت يدها من أسلحة دفاعية في معركة هجومية قلبت موازين الفكر الاستراتيجي في العالم كله وأصبح جندي المشاة هو سيد المعركة من جديد إذا توفر فيه عامل الشجاعة والثبات والتدريب الجيد.

هل كانت حرب رمضان تمثيلية؟

يروج أعداء مصر مقولة إن حرب رمضان / أكتوبر 1973 كانت تمثيلية مدبرة بين أمريكا و مصر و إسرائيل وهذا قول لا يقبله عقل ولا منطق.
لقد فوجئت أمريكا و إسرائيل بعبور المصريين لمانع قناة السويس الصعب وتدميرهم لخط بارليف كما استطاعت القوات المصرية تدمير معظم سلاح الجو الإسرائيلي بواسطة حائط الصواريخ المصرية كما دمر المصريون معظم دبابات القوات الإسرائيلية على الضفة الشرقية لقنال السويس بسبب الاستخدام الطائش للمدرعات الإسرائيلية التي سارعت بالقيام بعدة هجمات مضادة بغرض إلقاء القوات المصرية التي عبرت القناة في مياه قناة السويس .
ولم يبق لدى إسرائيل سوى 70 دبابة من سلاح مدرعاتها البالغ عدد دباباته حوالي ألفي دبابة.
وقد انهارت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل بعد أربعة أيام من بدء القتال على أثر إخطار موشي ديان لها بحقيقة الموقف.
مما اضطرها لإرسال تلغرافها الشهير للولايات المتحدة طالبة إنقاذ إسرائيل .
ولولا المدد العسكري الأمريكي والجسر الجوي الذي أقامته الولايات المتحدة لنقل الأسلحة والذخائر ومعدات الحرب ل إسرائيل لتغيرت نتيجة الحرب لا محالة.
أما بالنسبة لعبور قوات إسرائيل للقناة واحتلالها أجزاء من الضفة الغربية للقناة بالفشل.
فإن هذه المحاولة كان مقضيا عليها بالفشل إذ سرعان ما أحاطت القوات المصرية بقوات الثغرة الإسرائيلية فأصبحت قوات الثغرة الإسرائيلية الموجودة غرب قنال السويس محاصرة من الشرق بقوات مصر المسلحة من قوات الاحتياطي العام التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية ، ولولا تدخل هنري كسينجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وإقناعه ل أنور الساداتبفض اشتباك القوات لكان مصير هذه القوات الإسرائيلية التي عبرت قناةالسويس هو الإبادة لا محالة.

الفصل الحادي عشر: الرئيس محمد أنور السادات

حدثني اللواء طيار عبد المنعم عبد الرؤوف عام 1943 عن أنور السادات فقال : «إن محمد أنور السادات هو العضو رقم (1) في حركة الضباط السرية التي أنشأها الفريق أركان الحرب عزيز علي المصري باشا رئيس هيئة أركان حرب الجيش المصري عام 1939 وأن العضو رقم (2) في حركة الضباط السرية بعد أنور السادات هو عبد المنعم عبد الرؤوف .
وأن عبد المنعم عبد الرؤوف تلقى الأمر بتهريب عزيز علي المصري على متن طائرة حربية مصري من محمد أنور السادات عام 1941 .
فكانت محاولة الهرب بالطائرة يوم 16 مايو 1941 التي فشلت وقبض البوليس المصري يوم 6/ 6/ 1941 على الفريق عزيز المصري وزميليه في الهرب بالطائرة الحربية الطيار عبد المنعم عبد الرؤوف والطيار حسين ذو الفقار صبري وظل ثلاثتهم في السجن حتى أفرج عنهم في مارس 1942 .
وأن محمد أنور السادات اتصل بالمرحوم حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين منذ عام 1940 .
وأن حسن البنا كان سبب التعارف بين أنور السادات والفريق عزيز المصري ، وحسن البنا مرشد الإخوان هو الذي حدد ل أنور السادات موعد اللقاء ومكانه في عيادة الطبيب إبراهيم حسن وكيل الإخوان وكانت العيادة موجودة بحي السيدة زينب ب القاهرة .
وفي اللقاء بين أنور السادات و عزيز المصري الذي تم في عيادة الدكتور إبراهيم حسن وكيل الإخوان عام 1940 تم الاتفاق بن الفريق عزيز المصري و الساداتعلى تكوين تنظيم سري بين ضابط القوات المسلحة المصرية يرتبط ب جماعة الإخوان المسلمين .
وفي أغسطس 1942 قبض على أنور السادات بأمر الإنجليز واستطاع الهرب من السجن سنة 1944 واختفى أنور السادات وزميله حسن عزت فترة من الوقت في منزل عبد المنعم عبد الرؤوف .
وبعد خروج أنور السادات من خدمة الجيش حمل اللواء بعد عبد المنعم عبد الرؤوف الذي أدخل جمال عبد الناصر في تشكيل الجمعية السرية لضباط الجيش سنة 1944 .
وظل عبد المنعم عبد الرؤوف طيلة السنوات من سنة 1944 حتى 15 مايو 1948هو المسئول عن التنظيم السري داخل الجيش متعاونا مع الفريق عزيز علي المصري والإمام حسن البنا والصاغ محمود لبيب باعتبار هؤلاء الثلاثة عزيز المصري و حسن البنا و محمود لبيب هم القادة الروحيين لحركة الضباط السرية.
وأن نشاط التنظيم توقف اعتبارا من 15/ 5/ 1948 بسبب دخول الجيش المصريحرب فلسطين .
وأن محمد أنور السادات في الفترة من 1944وحتى 1948 كان يعمل على رأس تشكيل مدني من شبان وطنيين فشكل الجمعية السرية التي قامت باغتيال أمين عثمان في يناير 1946 وفي عام 1949 في أعمال حرة وعاد السادات إلى خدمة الجيش بمساعي صديقه الطبيب يوسف رشاد طبيب الملك فاروق الخاص وكان ذلك في سنة 1950 .
وفي عام 1950 أمسك جمال عبد الناصر بخيوط التنظيم السري للضباط في يده رغم أنه كان الضابط رقم (3) في هذا التنظيم السري وساعده على ذلك ما يأتي :-
1- تعيينه مدرسا في كلية أركان الحرب ب القاهرة وكان أنور السادات و عبد المنعم عبد الرؤوف في سيناء.
2- وجود نشاط سياسي سابق لكل من أنور السادات و عبد المنعم عبد الرؤوفقلل من نشاطهما في التنظيم السري خشية رقابة أجهزة التجسس التابعة للملك فاروق.
4- تسليم ممدوح لبيب أسماء الضباط المشتركين في التنظيم السري قبل وفاته ل جمال عبد الناصر بسبب غياب عبد المنعم عبد الرؤوف عن القاهرة .
5- استطاع جمال عبد الناصر أن يضم لهذا التنظيم السري لضباط الإخوان المسلمون عددا لا بأس به من الضباط بعد سنة 1950 ممن شاركوه محنة الحصار في الفالوجا.
6- استطاع جمال عبد الناصر بعد سنة 1950 إقناع الضباط المنتمين ل جماعة الإخوان المسلمين بعدم الاتصال بالإخوان خشية اكتشاف الحركة وبخاصة بعد تحذير إبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر ل عبد الناصر من أن الحكومة لديها معلومات عن صلة عبد الناصر بالإخوان وأنه كان يدربهم قبل 15 مايو 1948 م على استعمال الأسلحة.
وأغلب الظن أن البوليس السياسي حصل على هذه المعلومات من أفراد الجهاز السري المدني للإخوان الذين اعتقلتهم الحكومة بعد حادث مصرع النقراشي باشا رئيس وزراء مصر وهذه المعلومات حصل عليها البوليس السياسي نتيجة التعذيب الذي مارسه البوليس السياسي ضد أفراد جماعة الإخوان .
7- لما وافقت أغلبية أعضاء مجلس قيادة حركة الضباط الأحرار على رأي جمال عبد الناصر يعدم الاتصال ب الإخوان مخالفين بذلك رأي عبد المنعم عبد الرؤوفاحترم الأخير رأي الأغلبية وانسحب من مجلس قيادة حركة الضباط الأحراروحل محله عبد الحكيم عامر وترك عبد المنعم عبد الرؤوف ل عبد الناصر قيادة التنظيم منذ سنة 1950 .
لكل هذه الأسباب استطاع عبد الناصر أن يمسك خيوط تنظيم الضباط الأحرارفي يده منذ عام 1950وأصبح عبد الناصر هو همزة الوصل ومركز التقاء أفراد التنظيم السري منذ عام 1950 .
أما تاريخ الرئيس أنور السادات بعد ثورة يوليو 1952 فمعروف للشعب المصري كله.
فهو الذي أذاع بيان الثورة الأول بصوته ولم يشغل أنور السادات بعد حل مجلس الثورة 1956 أي منصب في السلطة التنفيذية.
واشتغل بالوظائف الآتية:
1- سكرتير المؤتمر الإسلامي.
2- المشرف على دار التحرير للصحافة.
3- رئيس مجلس الشعب.
والشبع المصري لم يكن يعرف عن أنور السادات شيئاً بسبب الظل الذي أحاط بهعبد الناصر طوال سني الثورة.
ولكن شاءات إرادة الله أن يعين أنور السادات نائباً لرئيس جمهورية مصر سنة1969 قبل وفاة عبد الناصر فآل إليه الأمر بأمر الله عز وجل والله يؤتى ملكه من يشاء وتم انتخاب أنور السادات يوم 16/10/1970 رئيسا لجمهورية مصر .
وبعد شهر تحركت مراكز القوى لسلب السلطة الشرعية منه لأنه اتجه بالحكم وجهة جديدة فيها بشائر الحرية.
فتمت ثورة التصحيح في 15مايو 71 على يديه وبدأ شعب مصر يستمتع لأول مرة منذ قيام ثورة 23 يوليو 52 بحياة جديدة فيها نسيم الحرية وقد تحقق فيها:
1- تصفية مراكز القوى سنة 1971 .
2- الدستور الدائم سنة 1971 .
3- سيادة القانون وإعلاء كلمة القضاء.
4- تصفية المتعقلات والعفو عن المسجونين السياسيين قبل ثورة 15 مايو 1971.
5- إنهاء خدمة الخبراء السوفيت سنة 1972 والقضاء نهائياً على فكرة التبعية للاتحاد السوفيتي وتأكيد استقلال مصر .
6- في أكتوبر 1973 قاد مصر في أروع انتصار لها بحرب رمضان المجيدة.
7- وفي عام 1975 فتح قناة السويس للملاحة واسترد آبار البترول في سيناء.

لقد بذل أنور السادات جهدا كبيراً ليعالج أمراض البلاد التي تركها له عبد الناصروفي مقدمتها:
1- هزيمة عسكرية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب منذ أن خلق الله الإنسان.
2- خراب اقتصادي.
3- حكم استبدادي لا مجال فيه لحرية الرأي والفكر.
4- عداء مع انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بدون مبرر وبدون أي مصلحة لشعب مصر في هذا العداء.
5- تورط مع الاتحاد السوفيتي كادت مصر من جرائه تسقط فريسة وتصبح مستعمرة سوفيتية كما حدث لأفغانستان المسلمة الآن.
ويكفي أن أنور السادات رد للمصريين كرامتهم في حرب رمضان ( أكتوبر 73 ) بعد مهانة (5 يونيو 67 ) على يد عبد الناصر .
ولكن هل استثمر أنور السادات النصر العسكري الكبير الذي حققه جيش مصر في معركة رمضان ليحقق نصرا سياسياً أكبر في ميداني السياسة الخارجية والسياسة الداخلية؟
للأسف لا
لقد أصاب أنور السادات ما يصيب حكام مصر دائماً لأن العيب لا يكون في الحاكم بقدر ما يكون في المحكومين فالمحكومون هم الذين يفسدون الحاكم لا العكس وعملية إفساد الحاكم تنشأ من مرض اجتماعي متوطن في مصر منذ عهد الفراعنة إلى اليوم ألا وهو مرض النفاق فسرعان ما يحيط بالحاكم في مصربطانة من المنافقين يمدحونه بالحق والباطل حتى يصيبه مرض آخر هو مرض الغرور فيظن في نفسه قدرة خارقة وعقلية فذة تنتهي به إلى الطغيان والتأله.
ولقد زينت بطانة السوء للمرحوم أنور السادات حكم الاستبداد فدفعته إلى اعتقال 1536 شخصية من رجال الدين المسلمين والمسيحيين ورجال السياسة من مختلف الأحزاب ورجال الفكر والثقافة والصحافة... الخ.
ووقف الرئيس السادات ليوجه السباب إلى من لا حول لهم ولا قوة بعد أن أغلقت عليهم أبواب السجون ويصف أحد علماء المسلمين وحملة كتاب الله بأنه «مرمي زى الكلب في السجن».
مما أثار موجة اشمئزاز عارمة في صفوف الشعب المصري وهو يعلم مدى تدين الشعب المصري ومدى احترامه لعلماء ورجال الدين.
وكان على المحيطين ب السادات أن يوجهوا له النصح ولكن بطانة السادات بدلاً من أن تنصحه برأي يحميه من الإعدام أخذت تزين له سوء عمله وأخذت وسائل الإعلام مسموعة ومرئية ومقروءة تؤيد السادات في فعلته النكراء.
فكان حادث مصرع السادات في 6/10/ 1981 والمعروف بحادث المنصة.
والرأي عندي أن أنور السادات قتل مظلوما وأن قتلته هم بطانته وليس الجناة الذين ارتكبوا الحادث بنية تخليص مصر من فرعون جديد يريد أن يحكم مصربالحديد والنار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق